لربما وأنت تشاهد الحروب الحالية في العالم بت تعلم جيدا أنها ليست حربا بين جندي أوكراني وأخر روسي ولا حتى بين دولتين كبيرتين كالصين وأمريكا أو حتى روسيا وأمريكا.
بل هي بين نظامين في الكون يسعى كل منهما لفرض سيطرته على العالم وعلينا.
وهذه قصة الحرب التي ربما لم تسمع بها كثيرا من قبل.
مؤخرا أثار جو بايدن الجدل في العالم كله حين زل لسانه في إجتماعا لكبريات شركات أمريكا تحدث عن نظام عالمي جديد، نظام غير ذلك الذي نعتقد اننا بصدد الإنتقال نحوه فظاهريا الصراع القائم حاليا هو بين دول.
ولكن في العالم صراع آخر. يصفه كثيرون بأنه نظرية مؤامرة في حين يؤمن آخرون بوجوده وللتوضيح أكثر قد يحمل المستقبل نظامين.
نظام تحدث عنه كثيرون متعدد الأقطاب والرؤوس الزعامة فيه للدول والحكومات. يمكن تسميته بنظام دولي جديد ونظام آخر لا مكان فيه للحكومات تديره كبريات الشركات العالمية متعددة الجنسيات.
سبق وتم الحديث عنهم مطولا ضمن ما يسمى بنظرية المؤامرة ويعرف بالنظام العالمي الجديد ولمن لم يسمع به من قبل لقي هذا المصطلح تفسيرات عدة خاصة أنه في تاريخنا تم إستخدامه من عدة رؤساء سبقوا جون بايدن الرئيس الأمريكي الحالي عليه مثل تشلتشل وروزفلت أيام الحرب العالمية الثانية وما بعدها وحتى من قبل جورج دبليو بوش الأب عقب إنهيار الاتحاد السوفيتي.
وكان يشير بوضوح إلى فكرة إنتهاء نظام الإمبراطوريات وقيام نظام عالمي جديد مبني على العولمة. أي انصيار الجميع في نظام واحد لا تفصله أقطاب ولا تحكمه قوى.
لكن عمليا ظلت أمريكا هي القائدة للنظام الجديد هذا حتى ظهر إستخدام آخر لهذا المصطلح ضمن كتب نظرية المؤامرة.
ويتحدث عن عالم جديد لا سلطة فيه لأحد على أحد ظاهريا ولا تحكمه دول وحكومات وإنما مجموعة أفراد يتحكمون برأس المال من أصحاب الشركات الكبرى والتجمعات والجمعيات كالماسونية وغيرها.
ولأن هذا الحديث وضع في إطار نظرية المؤامرة لا تجد الغالبية من المؤيدين له أو المصدقين له لكن أيضا عمليا في حال الإقرار بأن أمريكا تحكم أو حكمت العالم لسنوات.
فإن المتحكم فيها هم أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى ذاتهم الذين إجتمع بهم بايدن وزل لسانه بهذه العبارة.
ما دفع كثيرين حول العالم لإعادة تداول الامر. حتى أن وسما على تويتر إنطلق يحمل ذات العبارة ولمن يؤمنون به بات لهم حجة دامغة ودليلا قطعي فكل المعطيات لتصديق نظريات حكم الشركات والاغنياء باتت متوفرة.
وتكفي كورونا وما تلاها من حرب الروس والأوكران لتكون شواهدا عاينها الجميع فإبان الجائحة العالمية الأغنياء إزدادوا غنى والفقراء إزدادوا فقرا وحدها بعض شركات من خرجت منتصرة من تأثيرات الجائحة.
في حين دول عدة إنهارت إقتصادها أو أوشكت. وكذلك في الأزمة الأخيرة الاوكرانية الاخيرة حكومات الدول من تدفع الاثمان في حين تبقى الشركة قائمة واصحابها يتنافسون اكثر بالصعود على السلم الاكثر ثراء
هذا فيما يخص ما قلنا انه نظام عالمي جديد أما ما أسميناه نظاما دولي جديد فهذا يتعلق أكثر بالدول وهيمنتها وسطوتها وله مؤيدوه ومنظروه وبقوة
وهم من يروجون مثلا صعود الصين وعودة روسيا والتنافس مع امريكا فمثلا دولة كالصين هي دولة مركزية تتحكم بكل منح الحياة لشعبها. وهي راغبة بالصعود والتربع على القمة.
كذلك بوتين في روسيا الزعيم الواحد الاوحد. هو الاخر يرغب بعودة بلاده لتكون أحد أقطابه فيما يشبه العودة لزمن الامبراطورية الحاكمة .
كذلك يرون أن رد فعل أمريكا على حرب روسيا الأخيرة وعلى منافسة الصين ما هو إلا تأكيد على رغبة واشنطن بالمحافظة على إرثها الإمبراطوري في العالم.
وبعد هذا الكلام يمكن التلخيص بأن هناك نظرتين ونظريتين إلى العالم الأولى تقول بأن عالم الحدود والدول هذا سينتهي وسيصبح العالم دولة واحدة تقودها حكومة خفية هي بغالبها من الأثرياء ونظرة أخرى تقول أن العالم سيعود متعدد الاقطاب.
وستتولى قيادته دول عظمى مختلفة التوجه والفكر. ما يجعل السؤال عن الشكل العالم القادم محل خلاف وإختلاف ففي حين أنك قد تتوقع عودة العالم متعدد الاقطاب.
قد يتحول العالم إلى دولة واحدة يديرها ويحكمها أشخاص غير معلومي التوجه والهوية. وفي حال رغبت بمعرفة أكثر لتقترب أكثر إلى إجابة حاسمة إليك بعض المعطيات والحقائق التي قد تساعدك.
فمثلا بلد كالصين حين رغبت بالصعود أدركت أن نظاما اشتراكيا شموليا تهيمن فيه الدولة على كل مفاصل الحياة لن يساعدها كثيرا بفكرتها.
فاطلقت عنان شركاتها لتجوب العالم وفتحت حدودها للرأسمالية العالمية لتجد في قائمة كبريات الشركات وقوائم مليارديرات العالم اسماء صينية عديدة.
كذلك بوتين حين حلم بالعودة أحاط نفسه برجال أعمال تعج دول العالم باستثماراتهم وملياراتهم وأمريكا نفسها مسخنة بكبريات الشركات الكبرى التي تهيمن تقريبا على كل شيء.
لذا قد تكون المنافسة الظاهرية بالسياسة والحروب. لكن في عمقها سباق اقتصادي بين شركات ترغب بالتوسع والهيمنة وما السياسات والحكومات إلا خادمة لها ولأننا لن نجيب عنك وسنترك لك حرية الا٥ختيار لن نقر بنظرية المؤامرة لكن هناك ما يدعو للتعمق والتفكير قليلا.
فدائما أبحث عن المستفيد ستعرف من يحكم ومن يدير فأسماء الحكام تتغير وحكوماتهم لكن وحدها الشركات التي تتوسع وتكبر وتبقى.
والعالم الذي إعتاد ان ينقسم بين قوي وضعيف او شرقي وغربي بات مقسوما بين غني وفقير. بين من يملك ومن لا يجد ما يملكه. والبقاء بات للأغنى.
